مقالة بعنوان: الفلسطينيون لن يحبوا مشروع ترامب المعروف بصفقة القرن
لكن نفوذهم في رفضها محدود الآن، لذا سيكون الرهان على تعديلها عبر التفاوض
ترجمة خالد غنام أبو عدنان
(هذه المقالة تطرح أفكار صفقة القرن كما يراها زيف شافيتش وهو محلل سياسي صهيوني له مصادر متشعبة، وهو قد تكون لغته مستفزة للفلسطينيين عامة، لكنه يشرح صفقة القرن بشكل مبسط، مفادها أنه لا خيار أمام الفلسطينيين إلا تقديم وثيقة استسلام وإنهاء صراع دام مائة عام)
بقلم زيف شافيتس نشر على موقع بلومبيرغ الالكتروني بتاريخ 30 أبريل 2019
لقراءة المقالة باللغة الانجليزية يرجى فتح الرابط التالي: https://www.bloomberg.com/opinion/articles/2019-04-30/palestinians-won-t-like-trump-s-deal-of-the-century
في الأسبوع الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أن إسرائيل ستقوم بتسمية بلدة في مرتفعات الجولان باسم دونالد ترامب، هذا يشير إلى أن نتنياهو يعرف بالضبط ما هو موجود في “صفقة القرن” التي يطرحها ترامب، والمقرر الكشف عنها في يونيو القادم، وأن نيتياهو سيوافق عليها بحماسة.
يعرف القادة الفلسطينيون أيضًا ما هو مدرج في الخطة أو ما هو غير موجود في الخطة حتى الآن ، رغم أنهم في حالة إنكار كاملة لصفقة القرن. في الأسبوع الماضي، في رام الله، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية للسيناتور الأمريكي ميت رومني: إنه لن يشارك “في أي عملية سياسية لا تلبي الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، والتي تشمل قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على طول حدود 1967 مع مدينة القدس باعتبارها عاصمة الدولة الفلسطينية وحل العادل لقضية اللاجئين “. بالتأكيد أن اشتية استند إلى القرارات الدولية والاتفاقيات الموقعة (بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة واتفاقيات أوسلو لعام 1993) لتعزيز موقفه.
إن النقاط التي عددها رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية ليست جديدة ، لكنها في هذه الأيام غير مهمة، لإن صفقة ترامب ليست مجرد جهد دبلوماسي آخر في “معالجة السلام”، بل إنها اعتراف بأن حرب المائة عام بين اليهود والعرب في فلسطين قد انتهت، وعلى هذا الأساس سيطلب من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية تقديم وثيقة الاستسلام وذلك ضمن شروط قبول صفقة القرن.
في الحقيقة أن نفوذ القيادة الفلسطينية ضئيل للغاية لذا لا يمكنها رفض المشاركة بصفقة القرن، حسبما يهدد اشتية، لأن الخيار الآخر جاهز وهو إقامة نظام جديد من جانب واحد في الضفة الغربية وفقا لتصور كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
يأمل بعض القادة الفلسطينيين أن يماطلوا بالوقت دون أن يفعلوا شيئًا، فينتصروا على ترامب بتأجيل الحل، فربما يحصلون على رئيس أقل موالاة لإسرائيل في عام 2020. لكن هذه الإدارة أمامها عامين كاملين على الأقل، وربما ست سنوات، كافية لإتمام الصفقة وجعلها حقيقة سياسية لا رجعة فيها، وفقا لما صرّح به أحد كبار المسؤولين عنها، لذا فالإدارة الأمريكية جادة وتنوي تنفيذها.
هناك خيار آخر للقيادة الفلسطينية، يتمثل في تقديمها التماسات وتوصيات للمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية الدولية أو الاتحاد الأوروبي، وبالحقيقة سيتم تلبية هذه النداءات بالتعاطف ويمكن أن تصدر القرارات والتوصيات مؤيدة للفلسطينيين، وقد تحصل القيادة الفلسطينية على مواقف دبلوماسية داعمة لها، ولكن ستكون حبر على ورق ولن تغير الواقع بتاتاً، والقيادة الفلسطينية أصبحت تعرف ذلك من خلال تجاربها الطويلة مع المنظمات الدولية.
في فترة تاريخية ماضية، كان بإمكان الفلسطينيين الاعتماد على المؤيدين الإسرائيليين لاتفاقيات أوسلو وحل الدولتين، لكن الانتفاضة الثانية والربيع العربي ومثال الدولة الإسلامية المسلحة في غزة، قد أفقدت حلول أوسلو المصداقية وأضعفت “معسكر السلام” الإسرائيلي.
ففي انتخابات الكنيست الأخيرة، حصلت الأحزاب السياسية التي تؤيد حل الدولتين على 15 في المائة من الأصوات، وهذا يعني أن حكومة نتنياهو الجديدة ستحظى بأكثر من الدعم الكافي من الأحزاب الداعية لحلول أحادية الجانب على أن تكون مدعومة من الإدارة الأمريكية، وهذه الحلول لن تواجه معارضة مهمة في الكينيست.
من جانب آخر، لا يمكن للفلسطينيين أن يتوقعوا مساعدة من إخوانهم العرب، فقد ظهر هذا مؤخرًا من خلال الاستجابة الباهتة لجامعة الدول العربية (والشارع العربي) لمسألة نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس، والتي كان من المفترض أن تكون سكة الحديد توحد السياسة العربية. من المؤكد أن أهم الدول العربية هما: المملكة العربية السعودية ومصر، ومن المرجح أن تعلنان عن رفضهما لخطة ترامب، لكن من المؤكد أيضا أنهما لن تفعلا شيئًا يضعف من علاقاتهما بالولايات المتحدة الأمريكية.
كثيراً ما يحذر المسؤولون الفلسطينيون من أن الضغط المفرط على الشعب الفلسطيني وقيادته سيؤدي إلى انتفاضة ثالثة أكثر عنفاً، كما يتخيل البعض أن حزب الله سيدعم هذه الانتفاضة بضرب صواريخ باليستية على المدنيين الإسرائيليين، لكن الشيخ حسن نصر الله، زعيم حزب الله، الذي قضى العقد الماضي وهو يعيش في مخبأ تحت الأرض، ليس رجلاً لديه رغبة في التضحية بنفسه من أجل الفلسطينيين. على أي حال، فإن داعمينه الإيرانيين، أصبحوا تحت العقوبات الاقتصادية الأمريكية المتزايدة وأكثر فعالية هذه المرة، لذا لن يكونوا على استعداد لتمويله في حال قرر الدخول في المغامرة كبرى ضد إسرائيل.
إذا قرر الفلسطينيون القتال، فإنهم سيقاتلون وحدهم، وإسرائيل الآن مستعدة بشكل غير مسبوق لخوض حرباً ضدهم، تكون أعنف أكثر مما كانت عليه قبل 20 سنة، ولديها خطة لتخمد أي انتفاضة بقوة فعالة، وإن أي أعمال تصعيدية من قبل الفلسطينيين ستكون السبب المنطقي لإتخاذ إسرائيل تدابير أمنية أكثر صرامة.
قد يكون من وجهة النظر الفلسطينية، أن كل هذه هذه خيارات محبطة، ولكن هناك خيار آخر، يمكنهم قبول الأمر الواقع، والجلوس على الطاولة والمساومة على أفضل الشروط الممكنة، فالمطالب الإسرائيلية واضحة، فهي تتضمن المواضيع التي صرّح بها نيتنياهوا مراراً وتشمل على:-
1- سيتعين على منظمة التحرير الفلسطينية أن تتخلى عن حق العودة.
2- أن تقبل رسمياً بإسرائيل كدولة يهودية.
3- أن تنهي تحريضها الداخلي واستغلال الأقلية العربية في إسرائيل.
4- أن توقف دعايتها الدولية ضمن سياستها لتشويه سمعة إسرائيل.
5- الموافقة على ديمومة وشرعية الاستيطان الإسرائيلي داخل مناطق محدودة من الضفة الغربية.
6- القبول في السيادة الإسرائيلية على مدينة القدس الشرقية.
قد تكون هذه المطالب “شنيعة” و “غير عادلة” كما يصر المسؤولون الفلسطينيون في توصيفها، لكنها أفضل ما يمكن للفلسطينيين يقبل به بالوقت الحالي.
لقد أجاد الدبلوماسي الفرنسي الرفيع المستوى، جيرارد أرنو، حينما صرّح بفظاظة: “في كل مكان من تاريخ البشرية، عندما يكون هناك مفاوضات بين الجانبين: فالحقيقة العلمية تقول: كلما زادت قوة الطرف الأقوى، كلما فرض شروطه على الطرف الأضعف”. “هذا هو أساس [خطة ترامب]، وستكون بالتأكيد قريبة جدًا مما يريده الإسرائيليون”.
في التفاوض فقط، يمكن للفلسطينيين أن يطالبوا بما يريدون، لكن عليهم أن لا يتوقعوا أكثر من:-
1- الحكم الذاتي المنزوع السلاح في معظم أنحاء الضفة الغربية.
2- قوة أمنية لها مهام داخلية فقط.
3- مساعدات مالية دولية ضخمة.
4- بعض التعويضات الإسرائيلية عن الممتلكات المفقودة.
5- السيطرة على مسجد الأقصى وغيرها من الأماكن المقدسة.
6- من المحتمل أيضًا أن يحصلوا على بلدية في منطقة القدس الشرقية لتقديم خدمات إلى القرى ومخيمات اللاجئين داخل حدود المدينة الحالية.
7- فتح الحدود التدريجي مع إسرائيل.
8- فتح نفق بين الضفة الغربية وقطاع غزة بعد إنهاء وجود سلاح حماس.
الاعتراف بالهزيمة أمر مرير، ولكن سواء أحببنا ذلك أم لا، فإن صفقة ترامب قادمة، ولا يوجد وقت لإعادة توازن القوى للجانب الفلسطيني.
https://www.alsbah.net/new1/modules.php?name=News&file=article&sid=45064