دراسة بعنوان: خريطة عربية تتحرك
العرب يتساقطون ولا منقذ لهم من أنفسهم إلا هم ذاتهم، لكنهم يجلدون بعضعهم البعض بقسوة قلما كتب التاريخ أنهم فعلوها إلا ضد بعضهم البعض، ويحدثنا الإعلام عن حلول سياسية دون أن يتبناها السياسيون، فهي بذلك تكون جس نبض للرأي العام لمفاوضات سرية نجحت بإيجاد حل سياسي، أو أنها بالونات سياسية خبيثة هدفها دفع هواة السياسة لتهور بإصدار قرارات خاطئة، أو أننا مازالنا في مرحلة حوار الطرشان فيحق للجميع أن يصدر التصريحات السياسية إلا أصحاب القرار فعليهم أن يخرصوا لإن صوت البارود يطربهم. لكن من هم العرب؟ وما هي العروبة الحديثة وتياراتها التجديدية؟ وهل العرب معتقد ديني أم ولاء سياسي أم مجرد انتماء لسلالة محددة في علم أجناس الكائنات الحية الغير قابلة للانقراض؟
العرب توحدوا معا من أجل حلم الاستقلال عن العثمانيين، تحالفوا مع الشياطين وطردوا العثمانيين لكن مس الجن لازمهم وتحكم بقياداتهم، فباتوا ينطقون ما يريد الشياطين لكن بلغة عربية مفهومة من كل الأمة العربية، وبعد ذلك بدأ الشياطين بلعبة حرب العبيد بين القيادات العربية، فدعموا الحروب العربية العربية، وترامت القيادات العربية تحت أقدام الدول الأوروبية الرأسمالية طالبة إياها بالحماية من بعضها البعض، تارة بحجة الهجمة الشيوعية الجاحدة وتارة بحجة التمدد الرأسمالي الامبريالي، فاستمر العرب في مسلسل الاقتتال الداخلي وسحق الضعفاء من أجل إزالة الدم الفاسد من الأمة المرهقة، فعلى خطابهم التسويفي وتجمد فعلهم الحضاري.
ولعل أخطر جريمة حدثت في التاريخ العربي الحديث كان مؤامرة النكبة الفلسطينية وانتصار الصهيونية في انتزاع الأرض المقدسة من أصحابها الشرعيين، وتلى ذلك عقد الهدنة مع الدولة العبرية ومنع تسلل الفدائيين لها ثم سحب السلاح من يد كل الثوار، وبعدها تم ابتكار خدعة خطيرة تسمى خيانة المشروع العربي أسفرت عن قتل كل المعارضين لاتفاقيات الهدنة مع الدولة العبرية، وبعدها تم تجريم اليهود العرب ووصفهم بالخونة لأنهم ولدوا شواذ ولدوا يهودا، فتم تفريغ ما تبقى من حقد ضد مواطنيين عرب واتهامهم بشكل جماعي بالخيانة وتم طردهم وسرقة ممتلكاتهم.
يؤسفني أن عدد اليهود العرب في إسرائيل هم مليونين شخص تم تهجيرهم قسرا لإسرائيل في عز نهضة الأحزاب القومية العروبية بمنتصف الخمسينيات بالقرن الفائت. ولحد الآن الأحزاب العروبية لا تطرح أي صغية لعودة اليهود العرب لديارهم وهذا موضوع من أعقد الأمور، فقد قامت إسرائيل بتقديم طلبات الاحتجاجية المتكررة المطالبة في تعويض اليهود العرب من الدول العربية وذلك في الهيئات الدولية ذات الصلة، بل أن إسرائل تعتبر التبادلية غير عادلة بين حقوق اليهود العرب الذين كانوا من الطبقات الغنية وبين مطالب تعويضات اللاجئين الفلسطينيين الذي هم بالغالب من فقراء الفلاحين.
وقد يكون هناك مشكلات قومية عديدة داخل إسرائيل، كما أن هناك اختلال في المساواة بين المواطنين الإسرائيليين، ولعل فلسطيني الداخل يقاسون من سياسات التمييز العنصري وكذلك سوريو هضبة الجولان، وقد يبررها البعض بأن هناك ضعف بالولاء السياسي لهذه الأقليات، رغم أنهم سكان أصليون في البلاد وأنهم منعوا من المشاركة في صياغة الدستور فجاء غير منصفا لهم. إلا أن طرح فكرة يهودية الدولة ضربت بعرض الحائط كل الأحلاف الصهيونية الداخلية مع الأقليات الدرزية والأحمدية والبهائية والمارونية وبعض القبائل البدوية، فكلها تم إسقاط امتيازاتها دون مبرر مقنع مما جعل موضوع الولاء السياسي في إسرائيل يضرب بسيف حاد اللحمة المجتمعية ويهدد استمرار شكل الدستور بوضعه الحالي لمدة طويلة.
ولعلنا نتذكر مظاهرات يهود روسيا في منتصف التسعينيات من القرن الفائت والتي شكلت بالنهاية حزب سياسي جديد هو إسرائيل بيتنا جاء متخصصا للمطالبة بحقوق اليهود الروس من الحكومة الإسرائيلية، ووقتها تصاعدت الأصوات المطالبة في أهمية تشكيل حزب مماثل لليهود العرب وخاصة أن ظلمهم التاريخي كان أصعب بكثير حيث تم إجبارهم بتغيير أسماؤهم وعاداتهم وكذلك طرق تعبدهم، لقد تم التعامل معهم كأنهم لاجئين بحاجة لإعادة تأهيل وأحيانا يتم التشكيك بولاءهم. وأن الكثير من اليهود المغاربة سجلوا إحباطهم من هذه الدولة المصطنعة فهي ليست إلا لليهود الأوروبيين.
من جانب آخر تحرك يهود العراق وخاصة يهود كردستان بشكل مختلف حينما بدأوا بخطوات عملية لاستعادة أمجادهم في العراق، من خلال زياراتهم المتكرر له وتقديم طلبات للمحاكم العراقية بخصوص ممتلكاتهم المسلوبة، كما أن يهود سوريا وليبيا ينشرون تقارير عن زياراتهم المتكررة لممتلكاتهم، هناك حراك محموم في اتجاه استعادة حقوق اليهود العرب عنوة، خاصة أولئك الذين يرفضون التعويض.
هذا التسلل الصهيوني الجريء للبلاد العربية يقابله إزاحة قسريا لحوالي أربعين مليون لاجئ عربي ينتشرون بالغالب على حدود بلادهم الغارقة بالحروب الأهلية، لذا فلا يتم تصنيف اللاجئين على أنهم مظلومين بل تضعهم مجتمعاتهم في خانة المنهزمون في المعارك، لذا فيتم وصفهم بالخيانة السياسية والحثالة الاجتماعية والردة الدينية، فقتلهم حلال وسلبهم كرامتهم عادلة وطردهم من المدن هو تطهير للوطن من النجاسة، بغض النظر للأسباب التي أجبرتهم لترك بيوتهم، فتفنن الإعلاميون بابتكار المصطلحات لتصنيف اللاجئين ضمن المؤقت المضطر وهارب الجبان والسارق المنتفع وغيرها الكثير الكثير من التهم الجاهزة لكل من خرج، وهنا تصنيفات معاكسة لكل من بقي في بيته رغم استمرار الحروب الأهلية، ففي البلاد العربية الكل مجرد وقتله حلال بغض النظر عن وجخة نظره السياسية فهو مجرم وإن لم يكن له وجهة نظر سياسية فهو مجرم بإجماع كل أطراف النزاع وكل أمراء الحرب.
وإذا ما نظرنا لمصير اللاجئين العرب في البلاد الغربية نرى أن الغالبية العظمى يتم طحنها في مراكز الإيواء التي تسبب لسكانها الأمراض النفسية المزمنة، وتعمل على تجميد الخبرات الفنية فهي سجون طوعية، لا يخرج منها إلا من قبل أن يتغير ويصبح مطابقا للمواصفات المطلوبة للدول الحاضنة، ولذا فاللاجئون العرب بلا هوية تمثلهم ولا مؤسسات تطالب بحقوقهم، فحتى الهنود والصينيون لهم مؤسسات تدافع عنهم وتحمي هويتهم، إلا العرب فلا شيء إلا هيئات صورية رغم كثرتها وعراقة عملها، فهي محاصرة بالتهم من الولاء لأنظمة استبدادية أو تنظيمات إرهابية أو أن لها سجل مليء بالفساد الإداري والمالي. كما أن العربي متهم أنه يريد أن يأخذ كل حقوقه دون أن يعطي واجباته، في تسليط إعلامي سيء على ما هو خاطئ وتعتيم على كل ما هو صالح ونافع.
وفي موضوعة مهمة تتعلق بالمسيحيين العرب، الذين يسعى الغرب لتحويلهم إلى الكنائس الغربية سعيا لإنهاء الكنائس الشرقية كمؤسسات دينية منافسة له وكذلك سرقة رعاياها لصالح الكنائس الغربية، وهذه الضغوطات تمارس بشكل علني ناعم إلا أنها تحقق مكاسب تصاعدية، حتى أن الممتلكات الكنائس الشرقية دخلت في حيز تجارة الآثار العربية المسروقة، وبات الشرق يلفظ مسيحييه إلى الغرب، في انتحار لشرقيتهم وتكبيل لمسيحيتهم في نيران الكنائس الغربية التي تعاملهم على أساس أنهم إتباع كنائس متحجرة فكرية ومتعنتة دينية ودموية في رفضها لتعايش الديني.
بالعودة للأوطان العربية التي تم سحقها سياسيا وتدميرها فكريا وتحويلها لمجرد سوق استهلاكية؛ فهي تعاني تخمة البالونات: فالثانوي أصبح أهم من الأساسي، والأنا أكبر من نحن، والغريب حبيب وقريب عدو لدود، فانتشرت الملذات الآنية المدمرة للسعادة الحقيقية، ولعل أولها غلاء الاحتياجات الأساسية وخاصة الغذاء، ولم يعد كل ما يأكله العرب مغذي لكنه بالتأكيد لذيذ وشهي! كما أن إدمان على سكر بات من أعقد الأمراض العربية، فالخبز العربي يصنف ضمن قائمة الحلويات بالصين، ومن جانب آخر يعتبر العربي أكثر مستهلك للدهون في العالم، إنه البحث عن اللذة في الطعام أولا، هذه اللذة المدمرة لحقيقة أن تناول الغذاء الصحي لا تعني الإحساس بالشبع، لكن الدافع وراء البحث عن الإحساس بالشبع لا يتوقف بسبب التركيب الغريب للسكر والدهن حيث اللذة تستمر والشبع لا يأتي، هذا الإرهاق الغذائي لم يأت محض الصدفة بل أنه من تخطيط الشركات الرأسمالية الامبريالية، حتى بات السكر أهم من الخبز والدهن أهم من اللحم، إنها مصيدة اللذة المعدية، التي غيرت العادات الغذائية العربية، فتم الترويج للأكل والحلويات العربية الدسمة والتكتيم عن المأكولات العربية الصحية، فأصبحت الكنافة والمنسف أهم المأكولات وسقطت السلطات والخضروات المسلوقة رغم أنها أعرق بالمنطقة العربية.
أما السجائر والمكيفات التدخينية من معسل نرجيلة والحشيش وملحقاتهم من حبوب مهلوسة فقد تصاعد استهلاكهم بطريقة سلبية هدفها الكبت وشعور باليأس رغم أنها تاريخيا مكيفات المنتصر ومكملات النشوة.
وقمة الخمول العربي تكمل بالتسلية داخل الغرف المغلقة من ألعاب الالكترونية وأوراق الشدة ومشاهدات التلفاز وتصفح الانترنت، في سكون لكل حركة ممكنة، حتى أن صلة الرحم أصبحت عبر برامج التواصل الاجتماعي من واتس اب وفيس بوك. كما أن الخطاب السياسي تغير شكلا ومضموناً، حيث أن الخطباء الجدد يقرأون خطاباتهم وهم جالسون، كما أن مريديهم جالسون أيضاً ويصفقون ولا يهتفون في كسل يجر كسل ولا يلد إلا خمول سياسي تجذر فعلا وقولا.
هل هذا كلها مجرد اختيارات حرة للمواطن العربي أم سياسات تخديرية هدفها شل المستقبل العربي؟ هل لنا أن نطرح فكرة التغني بأمجاد الماضي ونحن لا نبني لبنات المستقبل؟ هل نتعلم من الصهيونية طرق إعادة أمجاد الأرض الموعودة للشعب المختار؟
لنا أن تقرر أن التعلم من الشعوب الأخرى أمر محمود في الثقافات العالمية، وكل الشعوب تنظر لتجارب الآخرين وتتعلم منهم، ها هو الصين يتوحد بعد مئات السنين فنهض تنينهم وأعلن عن أن الصين رقم لا يقهر، وجاء بوتين بخطة إنقاذ روسيا فأنقذ دبها القبطي من بياته الشتوي فأعاد الصعود إلى القمة وتربع على عرش الدول العظمى من جديد، فلا يوجد فشل قومي للأبد ولا يوجد حقد أزلي، ها هي ألمانيا وقد توحدت بعدما كانت نصف ميزانيتها من أجل تدمير ألمانيا الغربية، ها هي ألمانيا الغرب تبني ألمانيا الشرق، بل أن ألمانيا أصبحت شرقية بنكهة غربية وغربية بعراقة شرقية، نعم الأمجاد التي تسكن كتب التاريخ يملك السياسيون أن يحولها لخطط عملية لنهضة الأمم.
وفي بدايات الفكر القومي العروبي تم طرح أفكار جامعة شاملة كانت تدمج عراقة الحضارة العربية وقدرة النخب العربية على نقل العلوم الأوروبية للبلاد العربية، فجاءت نظرية البعث العربي وفكر القومي السوري وكتيبات حزب الوفد وإعلان حزب الاستقلال والبيان الشيوعي العربي كلها جاءت تحمل المبادئ العالمية السامية حرية مساواة عدالة، وتلونت خرائطها لتمييز القطري الخاص من القومي العام وتفكيك التخلف الإداري العثماني عن التأخر الحضاري العربي مع تأكيد أن الملامة تقع على سوء الإدارة العثمانية لا الكسل العربي المزمن.
وقد ابدع المفكرون العرب في تفسير معنى الديموقراطية والمجتمع المدني دون أن يكون هناك تجريب حقيقي لهذه الأفكار، وهذا استثناء لم تعرفه شعوب العالم حتى تلك الحديثة على الديموقراطية، فقد تم تعديل مفهوم الحياة الديموقراطية في باكستان خمسة عشر مرة خلال أول خمس سنوات من استقلال باكستان، وكذلك الأمر بالنسبة لتايلند التي اعتبرت أن المجتمع المدني يستمر حتى لو لم يكن هناك دورية في الانتخابات، فالاحتياجات الأساسية للمجتمع لا تتغير بتدوال السلطة بين الأحزاب السياسية، وهي أولى الدول في تبنى الأعراف السياسية داخل المؤسسات الحكومية دون الحاجة لوضع قوانين لتحدد شكل العلاقة بين المواطن والمؤسسات الحكومية.
لكن الأحزاب القومية العربية تصادمت ورفض التعايش فيما بينها، ففشلت الوحدة بين سوريا ومصر ثم تتالت نكسات حتى باتت الوحدة العربية محصورة بوحدة تجمهر القيادات العربية في اجتماعات جامعة الدول العربية، وانحسار الفكر السياسي نحو بناء القطر المحلي وتهيئة الأجواء لتوسع القومي، فبدأت الصراعات الحزبية تتحول إلى استقطاب نحو المركز الحزبي مما سبب شرخ في الوحدة القطرية لكل الدول العربية أدى لتدمير مفهوم الانتماء للقومية العربية الجامعة والانكفاء داخل مشيخة القطرية القبلية للهروب من فخ خيانة الأهل والعشيرة. ففقدت الأحزاب القدرة على تطوير فكرها في بناء المجتمع الديموقراطي لصالح الحفاظ على السلطة من أجل توعية المجتمع الحديث على الفكر الديموقراطي التنويري، فجاء بناء الاقتصاد على حساب بناء المشروع الوحدوي، ففشلت القطرية الضعيفة في صد الهجمة الرأسمالية الامبريالية الدولية، فتساقطت الدول القطرية العربية تباعا في أفخاخ المديونية الاقتصادية والتبعية السياسية فتحولت الكبوات المؤقتة إلى أمراض مزمنة.
سقطت الأحزاب القومية في امتحان المد القومي، وبقية فكرة الوحدة العربية حلم تطرحه القيادة العربية بمختلف مشاربها الفكرية ومذاهبها السياسية، دون أن يكون هناك خطط حقيقية لتحقيقها ولا برامج تنموية مشتركة تعزز أهمية الوحدة بين الأقطار العربية، بل أن التفكيك العربي شرذم القوميين لمجموعات متصارعة فيما بينها، وأكثر من هذا تم إلغاء حق الاختلاف بالرأي فتوقف التنظير السياسي وتم الترحيل القسري للمعارضة السياسية لخارج الحدود، فأصبح كل قطر عربي ملك حصري لحزب واحد أو قبيلة مستبدة أو لفيف عسكري دون أن يسمح للمعارضة أن تتكلم بصوت عالٍ إلا خارج حدود قطر العربي الذي يسعى لتهيئة المجتمع لفهم واعي للحياة الديموقراطية قبل إدخاله في مرحلة الانتخابات وتغرير به وهو لا يمتلك تراكمية التجربة أو حصانة التثقيف الحزبي.
لقد فشلت الأحزاب القومية بإيجاد حلول موضوعية مقنعة لمشكلات التنمية السياسية ولا حتى البناء الاقتصادي أو الترابط الحضاري بين الأقطار العربية، بل أنها لم تمنع تفكك المجتمع من الداخل، فتحول إلى فئات متصارعة فيما بينها، يتم فيها قضم الوطن من أجل استمرار المنافع الذاتية للبعض الانتهازي. فتفاقمت الأزمات وجاء البنك الدولي ليعيد تشكبل الاقتصاد ومفهوم الديموقراطية ثم تلى ذلك الإعلام الغربي العابر للحدود والذي فكك اللحمة بين المواطن العربي وقيمه المجتمعية وجعل كل قضاياه مرتبطة باثبات العلمي، حتى أن الشباب الصغار صاروا يتأكدون أنهم أبناء آباؤهم بفحص الحمض النووي، فلا شيء محرم ولا شيء مقدس، لقد سقط العربي ولم تنجده الأحزاب القومية بالحلول.
من جانب آخر فالأحزاب العروبية لا تطرح أي صغية لعودة اليهود العرب لديارهم وهذا موضوع من أعقد الأمور، لكنه جزء من العدالة التاريخية المطلوب إيجاد حل لها، وبالمثل فهناك المعارضة السياسية التي تم تهجيرها قسرا خارج حدود الوطن، وكذلك الطوائف الدينية التي يتم التنكيل بها لأسباب تتعلق بالولاء السياسي لأعداء الوطن، عفوا أعداء من يحكم الوطن.
لك أن تقرر أي وطن عربي نتحدث عنه أهو لكل العرب أم لبعض البعض. الراية التي تفرق بين المواطنين. التنوع الديني والعرقي بالوطن العربي دمر تماما وأصبحنا نتغنى بالقبيلة لا الوطن وبالقائد لا القيادة وبالتنظيم السياسي لا الوحدة الوطنية.
أن يقول البعض أنا لا أخون وطني بات شيء غريب لان تعريف الوطن تغير كثيرا، فلا داعي للبحث عن معنى الخيانة إذا كان الكثيرون فككوا أركان الوطن فصار هناك داخل الوطن مناطق نجسة وأفراد يجب قتلهم وأكثر من هذا ممنوع الحوار، الوطن هو مجال الحرية التي تسمح للديموقراطية بالحياة فيتم تدوال السلطة بين الاحزاب وتحصين الديموقراطية بالحوار المفتوح الذي ينصف الرأي ولا يمنع الرأي الآخر. الوطن أن أقبل المشترك بيننا واحترم خصوصية كل مواطن، الوطن ملك للجميع ومن حق الجميع أن يعيش فيه. في بلاد تتحكم القيادات العسكرية بقراراتها السياسية وأجهزتها الأمنية بخطابها الديني لا يمكن أن تنصنف أوطان، بل هي مجرد محميات حيوانية لذوي الإعاقة الخطرة، يتم قتلهم دون أن يثير ذلك مشاعر إي إنسان.
يعلنوا أن دولة حديثة سيتم تشكيلها على أرض خالية من السكان، عفوا أرض يتم تفريغها من السكان من أجل توفير الحماية اللازمة لحدود الدولة العبرية، لكن أرضنا العربية لا يمكن أن تهدأ فهي تنتفض ضد المشروع الصهيوني، يعلنوا أن الكونفدرالية حل قديم يتم إحياؤه، وكأن الوحدة العربية قائمة ولا ينتقصها إلا مباركة الأقصى، ويعلنون أن هناك مال قادم، ولا نعرف أن المال يأتي للعرب إلا لشراء السلاح لقتل بعضنا البعض، يعلنون أننا فككنا الإرهاب لكنه نبت مرة أخرى، إنه تهديد مستمر لكل من يقبل ما يعلنون وهو إعلان حرب لمن يرفض إعلانهم، نعم أنت عربي أنت متهم مهما كان قرارك، أنت ممنوع من أن تعلن المحبة أو اللعنة أنت ممنوع من الكبت السياسي وأنت ممنوع من الإباحية الفكرية، أنت عربي لك الحق أن تقتل عربي آخر بمال عربي أخير.
ما أقذر أن نسقط في فخ المصطلح المتحجر، ذلك التقديس اللغوي لحرفية الحروف، لا يمكن أن يبقى المصطلح ثابت فحتى تفاسير النصوص الدينية تتحرك وتتطور، ولو أن ماركس وهيجل وإنجل بعثوا من جديد فسوف يكتبون القومية الاشتراكية بأسلوب مختلف لأن مجتمع تغير وأفكاره تحركت.
بقلم خالد غنام أبو عدنان
ولدت لاجئاً وأحيا مهاجراً
7/9/2018









