حكومة فيجي اليمينية داعمة للحكومة الإسرائيلية والمنظمات الشعبية الفيجية متضامنة مع الفلسطينيين
- الأبحاث
- حكومة فيجي اليمينية داعمة للحكومة الإسرائيلية والمنظمات الشعبية الفيجية متضامنة مع الفلسطينيين
شارك البحث:
حكومة فيجي اليمينية داعمة للحكومة الإسرائيلية والمنظمات الشعبية الفيجية متضامنة مع الفلسطينيين ترجمة وبحث: خالد غنام – استراليا مركز الانطلاقة للدراسات – أكتوبر 2025 إن الوضع الطبيعي أن يتضامن شعب جزر فيجي مع نضال الشعب الفلسطيني؛ لإنه خاض ناضلاً ضد الاستعمار الأوروبي في القرنين الثامن والتاسع عشر، وخاض حرباً ضروساً استخدم فيها المستعمرين الأوروبيين أبشع أنواع الاستبداد من حرق قرى بأكملها ودفن الرجال أحياء وبيع الأطفال والنساء في أسواق العبيد. كما ساهم الاستعمار الأوروبي في ترسيخ العدوات بين القبائل الفيجية وجعلها تتحارب ضد بعضها البعض من أجل إضعافها، وكذلك نقل لشعب جزر فيجي الأوبئة الفتاكة مثل الحصبة التي قتلت عشرات الآلاف. تلى ذلك استلاب ثقافي بمحاولة سلخ القبائل الفيجية عن ثقافتهم عن طريق الفرض القسري للدين المسيحي البروتستانتي. وبعد ذلك استقدام العمالة الهندية بأعداد كبيرة للعمل بمزارع المستعمرين الأوروبيين بعدما فشل استيطانهم بالقرى الفيجية. على الرغم من أن جزر فيجي نالت استقلالها في عام 1970 إلا أن سياستها الخارجية كانت مرتبطة بتوجهات وزارة الخارجية الاسترالية، التي كانت تستخدم أصوات 17 من دول المحيط الهادئ في المحافل الدولية من أجل دعم مواقفها السياسية، وهذه الدول الجزرية الصغيرة لم تجد مناص من الانصياع الكامل للسياسة الخارجية الاسترالية. ومن أجل نفس الأهداف تعمل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على استغلال تصويت الدول الجزرية الصغيرة بمقابل منحها مساعدات رمزية وبمساندة ضغط النفوذ الأسترالي تم تحقيق بعض الإنجازات الإسرائيلية خصوصاً في تصويت بعض تلك الدول بشكل متوافق مع الرغبة الإسرائيلية. فكان متوقعاً أن تسعى الحكومة الفيجية اليمينية أن تتضامن مع الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الحالي الشعب الفلسطيني، وفعلاً أصدرت بيانات متتالية تؤكد فيها على حق دولة إسرائيل بالدفاع عن نفسها وحماية حدودها ومواطنيها من اعتداءات الإرهابيين. وكانت الخطابات الأولى تتضمن لغة متطابقة مع ما تصدره وزارة الخارجية الاسترالية، لكنها رفضت المطالبة بوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب على غزة كما كانت التوجهات الاسترالية؛ حيث ظهر دور بارز لمنظمة المجلس المسيحي الدولي، حيث بررت الحكومة الفيجية اليمينية أنها لا تستطيع أن تتوافق بشكل كامل مع سياسات حزب العمال الحاكم في استراليا، وأنها ترى نفسها أقرب لموقف حزب الأحرار الليبرالي الأسترالي المعارض. يتوقع العديد من المحللون أن الإدارة الأمريكية هي التي ضغطت على الحكومة الفيجية لتتخذ خطوات يمينية تتماشى مع الموقف الأمريكي، ومنع الضغوطات الاسترالية التي كانت تحاول أن تبقى القوة الإقليمية الأكثر تأثيراً على السياسة الخارجية لجميع الدول الجزرية في المحيط الهادئ؛ حيث قامت بتوقيع عقود ثنائية جديدة لدمج جيوش تلك الدول الجزرية الصغيرة بالإدارة العسكرية الاسترالية بشكل يضمن بقاء تلك الدول مستقلة لكن غير مسموح لها بأي تعاون عسكري مع أي طرف دولي خصوصاً الصين وروسيا. إلا أن الحكومة الفيجية لم تتوقف عن انفتاحها على خصوم استراليا، فهي تتعاون مع روسيا والصين لكن بما يتوافق مع تصورات الإدارة الأمريكية. ومن هنا جاءت مخرجات مؤتمر محيط السلام لتُبقي أي تعاون عسكري مع استراليا ضمن برامج دفاعية بحتة، مع إبعاد الدول الجزرية عن أي حروب مستقبلية خصوصاً ضد الصين. كما أن الحكومة الفيجية أخذت تتحدث عن أفكار المسيحية الصهيونية بشكل علني، واستغلت أن هناك عداء للمسلمين الاندونيسيين الذين يحتلون غينيا الجديدة الغربية، إلا النشطاء السياسيين أصروا على أن لا تتضارب المظاهرات المؤيدة لاستقلال غينيا الجديدة الغربية مع المظاهرات المؤيدة لتحرير فلسطين، ورفضوا فكرة تحويل حروب الاستقلال من الاستعمار إلى حروب دينية؛ حيث أن داخل شعب فيجي هناك أقليات دينية متنوعة. ثم لجأ الحكومة الفيجية لترويج أساطير تدعي أن أصل السكان الأصليين لجزر فيجي تعود إلى قبائل إسرائيلية مفقودة هربت من بطش المستعمرين للأرض المقدسة إلى أدغال افريقيا ومنها تنقلت إلى جزر المحيط الهادئ في رحلة استغرقت عشرات السنين. وإدعت وجود آثار تؤكد ذلك في كهوف الجبال وبقايا المناجم العتيقة، وتم ربطهم بأسطورة شعب أوفير التوراتية. إلا أن كل تلك الادعاءات تم تحضها من قبل مختصين في الآثار القديمة لشعوب جزر المحيط الهادئ، ودارسين أصول ولغات الشعوب في تلك الجزر. من جانب آخر فإن حركات التضامن مع فلسطين في جزر فيجي اتخذت أشكال متتوعة، وأبدت قوة وزخم في الفعاليات التي بدأت منذ أكتوبر 2023، وشملت على أنشطة الجاليات الفيجية في المدن النيوزلندية والاسترالية ثم انتقلت إلى قلب العاصمة الفيجية رغم المنع الحكومي للمظاهرات إلى أنها كانت تتجمهر في بعض الشوارع الرئيسية لحين تم تشكيل شبكة التضامن الفيجية مع الشعب الفلسطيني التي استطاعت من تجميع النشطاء في إطار جامع قادر على تنظيم فعاليات جماهيرية. حرص النشطاء على تعرية الحكومة الفيجية وكشف أكاذيبها المتبنية للرواية الصهيونية، وكان نشاط الكنائس الكاثوليكية الأقوى في مواجهة أساطير الصهيونية المسيحية. لذا لم يكن اعتراف الحكومة الفيجية بالقدس عاصمة لإسرائيل قضية مستغربة عند النشطاء الفيجيين المؤيدين لنضال الفلسطينيين، فقد تم التمهيد لهذه الخطوة عبر تبني أفكار بروتستانتية تدعو إلى ضرورة الدفاع عن المشروع الصهيوني حتى تتحقق النبوءة ويعود المسيح ثانية للأرض، مع تبرير الإبادة الجماعية للفلسطينيين وفقاُ لتفسيرات خاطئة للتوراة. من هنا كان خطاب رئيس وزراء فيجي سيتيفيني رابوكا في افتتاح السفارة الفيجية بمدينة القدس المحتلة مليء بالأكاذيب السياسية مثل الربط بين مخرجات مؤتمر محيط السلام وإسرائيل؛ علماً أن المؤتمر نقاش قضية حياد دول المحيط الهادئ في الصراعات الدولية، لكن افتتاح السفارة الفيجية يعتبر انحياز للحكومة الإسرائيلية وعدم إنصاف للحقوق الفلسطينيين. كما شدد الخطاب على الارتباط الروحي للمسيحيين في جزر فيجي مع مدينة القدس المحتلة، مدعياً أن الحكومة الإسرائيلية ترعى المقدسات المسيحية في جميع الأراضي المقدسة. وهذا مخالف لحقيقة اضطهاد الحكومة الإسرائيلية للمسيحيين الفلسطينية وانتهاكاتها المستمرة للمقدسات المسيحية وتدميرها التعسفي للأرث المسيحي خصوصاً في عدوانها المستمر على قطاع غزة، إلا أن الحكومة الفيجية تراجعت عن اعتبار أن قرارها جاء على خلفية دينية بل هو قرار سياسي لا يعبر عن رأي كل مسيحي الشعب الفيجي خصوصاً بعد معارضة القرار من الكنائس الكاثوليكية الفيجية. الحقيقة أن الحكومة الفيجية لا تستطيع أن تدفع مصاريف السفارة الجديدة فهي تمر بضائقة مالية صعبة، لذا تكفلت وزارة الخارجية الإسرائيلية بدفع إيجار السفارة، كما قامت منظمة المجلس المسيحي الدولي بدفع رواتب الموظفين. ولا يتوقع أن تستفيد الحكومة الفيجية بشكل مباشرة من هذه الصفقة، إلا أنها ستفتح لها آفاق نحو ارتباطها المباشرة مع الإدارة الأمريكية مما يقلل من الضغوط الاسترالية عليها. بالمقابل تتصاعد المظاهرات المؤيدة لفلسطين في المدن الفيجية، وهي أصبحت ثكنات جامعة لكل معارضي السياسات اليمينية للحكومة الفيجية، حيث يتم خلالها طرح أفكار يسارية تقدمية ستكون البرنامج الانتخابي للمعارضة الفيجية في منتصف 2026 كما تتطالب المعارضة. لعل أهم الدروس المستفادة من هذا البحث هي تبيان توجهات الإدارة الأمريكية ضد حلفاؤها التقليديين؛ فهي تسعى لإضعاف نفوذ استراليا على الدول الجزرية في المحيط الهادئ، وربطها مباشرة بالقرار الأمريكي. وإن أذرع الصهيونية المسيحية ليست مؤامرة متخيلية بل هي حقيقة فاعلة بالسياسة الدولية، وتعمل جاهدة من أجل ترسيخ الرواية البروتستانتية عن ضرورة إتخاذ كافة الإجراءات من أجل توفير الظروف لعودة المسيح على الأرض وهذا سيتطلب قتل واضطهاد كل الجماعات المعادية. ومن النقاط الإيجابية التي تعلمتها من هذا البحث هو الدور الهام للجاليات الفيجية في دول الشتات، حيث أن شرارة التضامن مع الفلسطينيين ضد العدوان الإسرائيلي بدأت في مدينة أوكلاند النيوزلندية، وأن بداية تنظيم الفعاليات في المدن الفيجية كان بدعم مالي وإعلامي من الجاليات الفيجية في الشتات، كما ساهمت أنشطة الجاليات الفيجية في رص صفوف المعارضة وتوحيدها ضد الأحزاب اليمينية الفيجية الحاكمة. كما أن تجمعات هنود فيجي في المدن الاسترالية كشفوا تفاصيل السياسات العنصرية التي تتعبها الأحزاب الفيجية اليمينية ضدهم، وأنها تصفهم بالمحتلين الغاصبين، رغم أن الأقلية الهندية تعتبر من أفقر الفئات في المجتمع الفيجي، بينما تسيطر الشركات الأمريكية والاسترالية على ثروات البلاد وتنهب ثرواتها. كما أنها كشفت بالوثائق التاريخية أن السياسة الاستعمارية البريطانية فرضت الدين المسيحي البروتستانتي على القبائل الفيجية ومنعهتم من ممارسة معتقداتهم الدينية الوثنية، فكان يجب على رئيس وزراء فيجي سيتيفيني رابوكا، والأحزاب اليمينية محاربة نفوذ الشركات الامبريالية الأمريكية والاسترالية، وإنهاء نفوذ الصهيونية المسيحية في جزر فيجي، وذلك من أجل العودة إلى الثقافة الفيجية الوطنية التي تم استلابها. كما أن مقترحات أبناء الجالية الفيجية في مدينة سدني الاسترالية تركزت على أن الدول العربية الغنية تستطيع أن تقلب السياسة الخارجية رأساً على عقب إن استثمرت في الاقتصاد الفيجي بمقابل اعتراف الحكومة الفيجية بحقوق الفلسطينيين وفك شراكتها مع الحكومة الإسرائيلية المتطرفة. قد تكون بعض الأفكار التي طرحتها في هذه النبذة المختصرة بحاجة للكثير من الشرح وإدراج المراجع والمصادر الخاصة بهذه المعلومات ومن أجل ذلك قمت بعرض تفاصيل كل نقطة تم ذكرها وإن كان بشكل لا يراعي التراتبية التاريخية بقدر ما يوفر معلومات عن أي نقطة بحاجة معلومات مفصلة. ثم تم اختصارها وعرضها بشكل مختصر مع إبقاء الروابط الالكترونية لمصادر هذه المعلومات. ففي البداية تم جمع وترجمة كافة المقالات المتعلقة بافتتاح السفارة الفيجية في مدينة القدس المحتلة، تلى ذلك عرض وجهة نظر الحكومة الفيجية من حل الدولتين وإنهاء الصراع بين اللإسرائيليين والفلسطينيين. ثم عرض الحِراك الشعبي الفيجي المؤيد للشعب الفلسطيني والرافض للعدوان الإسرائيلي، شملت مواقف المنظمات الشبابية والحقوقية والدينية وكذلك أحزاب المعارضة في داخل جزر فيجي وفي أوساط الجاليات الفيجية في الشتات. وفي باب العلاقات التاريخية بين جزر فيجي ولإسرائيل قمت بترجمة مقالين هامين، أولهما بحث بعنوان فيجي وإسرائيل: شراكة غير عادلة بقلم شموئيل ليفين من معهد الدراسات الاستراتيجية الاسترالية وفيه تم تبيان أن استفادة فيجي من إسرائيل رمزية، بل أنها في بعض أحيان مجانية من أجل إرضاء الدول الكبرى خصوصاً استراليا والولايات المتحدة الأمريكية. وفي المقال الثاني قبائل جنوب المحيط الهادئ المفقودة: كيف أصبحت مجموعة من الدول الجزرية أشد المدافعين عن إسرائيل؟ بقلم بيت ماكنزي الذي يحتوي على بحث استقصائي يكشف كذب المزاعم الصهيونية عن أن أصول شعوب الدول الجزرية في المحيط الهادئ تعود إلى قبيلة بني إسرائيل المفقودة. تلى ذلك دراسة مفصلة عن أنشطة منظمة المجلس المسيحي الدولي في المحيط الهادئ وطرق عمله. بعد ذلك تم شرح العلاقات الاسترالية الفيجية الرسمية وآليات عملها، مع توضيح أن نهج الإدارة الأمريكية الحالية في سياسة أمريكا أولاً أضعف النفوذ الأسترالي على السياسة العامة في جزر فيجي وفي مجمل الدول الحزرية في المحيط الهادئ. ومن هنا جاء إعلان محيط السلام الذي حاولت الحكومة الفيجية التسويق له للحصول على ضمانات استرالية وصينية من أجل إبقاء الدول الجزرية على الحياد وعدم استغلال أراضيها للعدوان على دول أخرى. إلا الحكومة الاسترالية عززت وجودها في الدول الجزرية في المحيط الهادئ عن طريق إبرام اتفاقيات ثنائية للدفاع المشترك مع تقديم دعم مالي لجيوش تلك الدول في محاولة منها لمنع أي نفوذ مستقبلي للصين أو روسيا. ومن هنا جاءت كلمة رئيس وزراء فيجي سيتيفيني رابوكا في اجتماعات الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة: تسلط الضوء على مشكلات بلاده الاقتصادية التي لا يمكن حلها دون مساعدة المجتمع الدولي، ويبدو أنه لم يتلق أي مكافأة اقتصادية على اعترافه بمدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل. في الختام تم وضع قراءة تاريخية هامة لشعب جزر فيجي ونضاله ضد الاستعمار والشركات الامبريالية.












