أن تكون يهوديًا بعد تدمير غزة تأليف تأليف بيتر بينارت ترجمة خالد غنام
- الأبحاث
- أن تكون يهوديًا بعد تدمير غزة تأليف تأليف بيتر بينارت ترجمة خالد غنام
شارك البحث:
بشاعة الحروب تنبت في العقل أزهار أسطورية لها ألوان جديدة ورائحة مبتكرة، فيها يرسم الحالمين شكل السلام القادم عندما يقتنع المتحاربين أن السلام حقيقة ومهما طالت أمد الحروب فإن فجر السلام قادم، حينها فقط نستطيع أن نبكي قتلى فقدناهم في الحرب، أما الآن فمازلنا نبكي جوع المحاصرين، ونصرخ على غضب الرصاص الذي يقتلنا دون تمييز. من قراءاتي الكثيرة للأستاذ المبدع بيتر بينارت تعلم منه أن الفكر السياسي لم يعد علماً له نظريات بعدما تحولت السياسة الدولية إلى صراع بين شركات عالمية تبحث عن أسواق وموارد لا حكومات دول عظمى تبحث عن نفوذ وسيطرة. من جانب آخر، كتب بيتر بينارت مقالات كثيرة عن سوء استخدام النص الديني، وأن هذه الجريمة التي يرتكبها السياسيون مدمرة بحق الشعوب التي بتجل النصوص الدينية وتعتبرها مقدسة بالنسبة لهم، بينما يعتبر الغالبية العظمى من المتدينين أن رجال السياسة منافقين يكذبون للحصول على أصوات الناخبين ثم لا يفون بوعودهم الانتخابية. إن قراءة مسيرة بيتر بينارت تجعلنا ندرس الأثر السلبي للصهيونية الدينية على الجاليات اليهودية في الدول الغربية؛ حيث أن فتاوي الحاخامات تحث كل يهود الدول الغربية على الهجرة إلى إسرائيل والمشاركة بالخدمة العسكرية في جيشها، ومن لا يفعل ذلك فإن يهوديته ناقصه، وأنه لا ينتمي إلى قبيلة بني إسرائيل. فجاءت احتجاجاته متعددة الأوجة تدعو يهود الدول الغربية في المساهمة في إقامة السلام عن طريق حل الدولتين، وذهب عدة مرات للضفة الغربية وتظاهر ضد الاستيطان وقمع الفلسطينيين. في هذا الكتاب نلمس إحباط شديد عند بيتر بينارت فهو لم يعد يؤمن أن دولة إسرائيل قادرة عن التخلص من عبئ الصهيونية الدينية المتطرفة، وأنه يخشى على الدين اليهودي من فتاوي الحاخامات المتشددة التي حولت اليهود إلى أمة مكروه في كل الدول الغربية بسبب ترويجها لفكرة شعب الله المختار ونظرية التفوق الديني والقومي اليهودي على المسيحية الغربية. كما أنه يرفض تصنيف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب؛ لإنها رد فعل طبيعي على السياسات التعسفية الإسرائيلية، وأن جنوح الشباب الفلسطيني للعنف لم يكن بسبب سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وخير شاهد على ذلك انتفاضة الأقصى وأحداث هبة الأقصى (انتحاري السكاكين)، وغيرها الكثير من ردات الفعل الطبيعية بشعب يعيش تحت الاحتلال. وأهم استنتاجاته أن الفلسطينيين لا يمكن أن يكونوا متعاونيين مع الإسرائيليين أكثر من فترة حكم سلام فياض، وعلى الرغم من كل ما قدمه الفلسطينيين إلا أن سياسات الاحتلال التعسفية استمرت وتوسع الاستيطان بشكل جنوني، وكذلك تم تشديد حصار قطاع غزة. في ظل نظرة بيتر بينارت التحليلية فإن النخبة الحاكمة في الأطر السياسية والدينية في إسرائيل غير قادرة على استيعاب أن الفلسطينيين شعب له حقوق عليهم أن يعيدوها لهم، وإلا فإن موجات العنف ضد الإسرائيليين ستستمر. من جانب آخر، فهو يعطي المقاومة الفلسطينية مجموعة هامة من النصائح أهمها عدم استهداف المدنيين الإسرائيليين، وأن قتلهم سيبرر الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، فآلة الدعاية الصهيونية التي روجت للهولوكست بعد تضخيمها آلاف المرات، قادرة على قلب الرأي العام العالمي ضد الفلسطينيين إذا ما امتلكت الحجج الكافية. إن استخدام الخطاب الديني المقدس في السياسة لا يعني أننا في حرب مقدسة، بل على العكس من ذلك، أي أن السياسيين لا يملكون الحجج السياسية الكافية لإقناع شعوبهم لذا يلجؤون إلى رجال دين مأجورين يقومون بتحويل قراراتهم السياسية إلى فتاوى دينية ملزمة لكافة المؤمنيين، وهذا النوع من الفتاوي الرخيصة تسبب بارتفاع نسبة الإلحاد في العالم. من هنا جاء استنتاجه بضرورة إنهاء المشروع الصهيوني وإقامة دولة فلسطينية واحدة، تكون ديموقراطية يعيش فيها المسلمين والمسيحيين واليهود بتسامح ومساواة. وذكر أهمية الفكرة التي طرحتها حركة فتح عام 1970 (أتوقع أنها كانت عام 1969)، حيث بين أن حركة فتح كانت قادرة على بلورة فكرة سياسية مخالفة لجنون المعارك في تلك الفترة من حرب الاستنزاف بعد حرب النكسة عام 1967.












