مقال بعنوان : أنا لم انتصر
صمت الانفجار، بسمة الانبهار، خطوة الانكسار، راية الانحصار، وقفة الانتظار، استراحة الاستمرار، غزة باختصار.
خرج الفلسطينيين إلى شوارعهم العتيقة؛ يعلنون أنهم صمدوا، وقاوموا، وأنهم يعتقدون: أنهم انتصروا، وأن عدوهم انهزم، وجيشه انكسر، وحكومته سقطت، وأن هناك إسرائيليين قرروا الرحيل بعيدا عن غرة فلسطين، وبعضهم قرر الهجرة من إسرائيل. عناوين تقول فلسطين قاومت، وغزة انتصرت. وأخرى: غزة صمدت، والقسام انتصر. ولك أن تقلب كلمات: شعب، وصمود، ونصر، وقسام، كيفما شئت دون أن تتجاوز لعبة الديماغوجيا لكسب عاطفة الشعب الفلسطيني، في ليلة فرح بريء اسمها انتصرنا، ولكن كيف وعلى من وماذا حققنا؟ هنا يكمن الانتصار إن كان هناك انتصار!
بداية أذكركم باجتماع الشهيد أبو جهاد خليل الوزير بالرفيق تشي جيفارا في بداية الستينات بالجزائر؛ وكان وقتها أبو جهاد من أكثر المتحمسين لحرب العصابات، كاستراتيجية لثورة الفلسطينية ولكن بعد شرح تفصيلي لتشي جيفارا: مبدع حرب العصابات الثورية؛ قال جيفارا: على حسب المعطيات التي قلتها، فإن دربكم طويلة مثل الثورة الجزائرية ولا يمكن أن تنجح حرب العصابات عندكم؛ لإن الدول العربية المحيطة بإسرائيل مهزومة، ولن ترضى أن تصبح محتلة من أجلكم، لذا أنصحكم باتباع نهج ماو تسي تونغ بحرب شعبية طويلة الأمد، كاستراتيجية وليكن أحد أساليبها في البداية حرب العصابات، ولكن يجب أن تكون متقطعة الزمان والمكان حتى تجنبوا شعبكم انتقام عدو قوي بل قوي جدا.
ومفهوم حرب الشعب أن يناضل الشعب بكل طاقاته ضد كل طاقات العدو، أما حرب العصابات فهي قريبة من فكرة مطاردين الانتفاضة، حيث سكن الفدائيون بالجبال وكان أسلوبهم اضرب واهرب، وكل ضربة تسمى غارة، وكل حزمة غارات تسمى معركة، ومجموع المعارك تسمى حرب، أما تسمية حروب فهي مفهوم خاطئ عند حركة التحرر من الاحتلال؛ لأن نهاية الحرب تكون بالنصر، أما نهاية المعركة تكون بمعاهدة تهدئة في الحرب الثورية، أما مفهوم وقف إطلاق النار فهو مرفوض بالثورة؛ لأنه يعني تجميد العمل المسلح للثورة.
كل هذا ونقول انتصرنا، وخرجنا بكل رايات الفصائل نحتفل، ولكن سقط العلم الذي يجمعنا، لعل إسرائيل قصفته، أو أنه كان أحد الأسرى، ونحتفل بأننا اتفقنا على مبدأ المفاوضات، ونحتفل أن إسرائيل انسحبت إلى إسرائيل. ونحتفل أن مصر دولة عربية، وأحيانا إخوانية، أحيانا أخرى يقولون سيسحبون سلاح المقاومة، وأنهم سيضعون قوات مراقبة دولية، وتشديد على عدم دخول سلاح لغزة فلسطين، وأن حماس يجب أن تعترف بإسرائيل ثلاث مرات قبل كل صلاة، وأن إعادة إعمار غزة فلسطين ستكون على حسابات معنونة دولار لغزة فلسطين وتسعة لإسرائيل. وإن إسرائيل ليست مجرمة بالقتل ولا ملزمة بتعمير ما هدمت أو تعويض من جرحت.
النصر أن تعترف إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة، وحل كل الملفات من استيطان والقدس واللاجئين وتحرير الأسرى ورفع الحصار وتدمير الجدار والكثير من مظاهر الاحتلال لابد أن يزول ثم نقول انتصرنا. أنا لم انتصر ولن انتظر بل سأواصل النضال، لأن النصر والهزيمة سيان، وأن صمود شعبنا الفلسطيني أقوى من الانتصار، دورة الحياة تعود مع تقطع مستمرة بالكهرباء حتى لا نسمع المزيد من التصريحات، فكلها سوف وسين وسين وسنعدكم السلامة، وإنها لثورة حتى النصر … والنصر آت… النصر آت… النصر آت…
خالد غنام أبو عدنان
ولدت لاجئاً وأحيا مهاجراً
27-08-2014